تزايد الجدل حول تصنيف الجنس: ليس كل فرد ذكرًا أو أنثى!


تصنيف الجنس على شهادة الميلاد​

تحقق من شهادة ميلادك؛ بالتأكيد سترى تصنيفاً للجنس. عندما وُلدت، سجلك طبيب أو طبيب سريري ذكرًا أو أنثى بناءً على نظرة ألقاها على أعضائك التناسلية الخارجية.

اتُخذت هذه العملية ممارسةً معيارية لتحديد الجنس مدةً تجاوزت القرن في الولايات المتحدة. وتحديد الجنس ليس مجرد نظرة سريعة تُلقى ثم اختيار مربع من آخر.
إذ تُظهر الأدلة الدامغة أن الجنس ليس ثنائيًا؛ أي لا يغطي المصطلحان (ذكر وأنثى) المتغيرات البيولوجية والتشريحية والصبغية المعقدة التي تحدث في جسم الإنسان.

تتزايد الدعوات والتوصيات نتيجة ذلك لإزالة تصنيف الجنس من شهادات الميلاد، من ضمنها توصية حديثة من الجمعية الطبية الأمريكية.

مشكلات تصنيف الجنس​

أنا أستاذ جامعي في الطب، وقد عملت على المشكلات المتعلقة بالمثليات والمثليين وثنائيي الميول الجنسية والمتحولين جنسيًا وحريي الهوية الجندرية وثنائيي الجنس واللا جنسيين ضمن نطاق واسع +LGBTQIA.

المؤلف المشارك هو أستاذ في طب النساء، منخرطٌ بكثافة في المسائل التي تتناول صحة المتحولين جنسيًا وثنائيي الجنس.

تُظهر أبحاثنا وتجربتنا السريرية أن تصنيف الجنس ليس مسلّمة يُقرُّ بها فتتحول إلى أمر مفروغ منه.

يوجد أفراد غير متناسبين بدقة مع إحدى هاتين الفئتين (علمًا بأن تعدادهم بالملايين)، ويؤدي تصنيفهم غير المناسب على شهادة الميلاد إلى عواقب تستمر مدى الحياة.

يتكرر حدوث الاختلافات في تشريح الأعضاء التناسلية أكثر مما تعتقدون؛ تقريبًا تحدث بنسبة 0.1 إلى 0.2% من الولادات سنويًا.

مثلًا: تعني هذه النسبة في الولايات المتحدة من 4000 إلى 8000 طفل كل عام، وقد لا تساعد الصفات الجنسية الأخرى (مثل الصفات الجنسية الثانوية) بالضرورة على تصنيف الجنس.

يعثر الأطباء الذين يفحصون الأعضاء التناسلية الداخلية عند بعض الأفراد على مهبل وخصيتين، أو على أفراد وُلدوا دون أي أعضاء تناسلية (أعضاء مبهمة أو غائبة).

وعند فحص مستويات هرموني الإستروجين والتستوستيرون لدى الفرد -التي جُعلت حكَمًا فترةً طويلة على تصنيف الجنس للفرد ذكرًا أو أنثى- اكتشف الأطباء أن بعض الأشخاص يملكون مهبلًا ويُنتجون كميات كبيرة من هرمون التستوستيرون في ذات الوقت.

تبعًا لما سبق، يخرج هرمون التستوستيرون من قائمة المؤشرات الرئيسية لتحديد الجنس؛ أي لا تجعل الكميات العالية من التستوستيرون الشخص ذكرًا بالضرورة.

لا يرسم النمط النووي كذلك -إجراء مستخدم منذ خمسينيات القرن الماضي لتقييم عدد الصبغيات ونوعها- الصورة كاملةً.

إذ نتوقع عادةً أن يملك البشر زوجين من الصبغيات الجنسية XX أو XY، وعلى عكس التوقع يخرج الكثير من الأشخاص في هذه الحالة خارج التصنيف تبعًا لاختلافاتهم، إذ لا تقع ضمن أي من الفئتين.

يشمل هؤلاء مرضى متلازمة تيرنر، التي يولد فيها الشخص مع الصبغي X واحد، ومتلازمة كلينفلتر، التي يولد فيها الشخص بمزيج من الصبغيات XXY.
باختصار، أظهر التنوع البشري أن التصنيف الثنائي للبشر كذكور أو إناث ناقص وغير دقيق،

وعلى تحديد الجنس أن يتحول إلى طيف واسع بدلًا من حصره ضمن مقاسين اثنين يرتديهما الجميع.

نحو 1.7% من سكان الولايات المتحدة -أي أكثر من 5 ملايين أمريكي- يملكون أعضاءً تشريحية وفيزيولوجيا تناسلية تشير إلى كونهم ثنائيي الجنس.

قد يكون تحديد الجنس وفق التصنيف الثنائي ضارًا​

قد يتلقى أصحاب السمات ثنائية الجنس الذين صُنّفوا عند الولادة على أنهم ذكورًا أو إناثًا رعاية طبية تضر بهم جسديًا ونفسيًا.

يُجري الأطباء -أحيانًا- العمليات الجراحية لجعل أجسادهم تتماشى مع إحدى التصنيفين.

مثلًا، تُجري النساء المولودات ببظر أكبر من المعتاد عمليات لتصغير حجمه.

إلا إن بعض الخاضعين لهذه الجراحة في مرحلة الطفولة يعانون بعد بلوغهم الألم وصعوبة ممارسة الجنس.

بالإضافة إلى ذلك، تحدّ الحكومات أحيانًا من المشاركة الكاملة للأشخاص الذين يملكون سمات ثنائية الجنس في المجتمع.

مثلًا، في أستراليا، أُلغيت بعض الزيجات لأن الحكومة أقرّت سابقًا أن أحد الزوجين ثنائي الجنس (أي لم يُنظر إليه على أنه رجل بنسبة 100% أو امرأة بنسبة 100%)، بالتالي يُمنع قانونيًا من الزواج.

كثيرًا ما تفعل المنشآت الخاصة الشيء نفسه، إذ تفرض اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية فترات انقطاع عن الهرمونات، يُقاس بعدها مستوى الهرمون في جسد اللاعب، وبناءً عليه يُحدد مَن يلعب في الألعاب الرياضية النسائية، وقد يُمنع بعض الرياضيين من المشاركة.

يتعرض الأشخاص الذين لديهم هوية جنسية مختلفة عن المحددة في وثيقتهم الحكومية إلى التمييز أو المضايقة أو العنف.

بدأت الحكومات في بعض الولايات الاعتراف بالتنوع الجنسي. وتسمح بعضها للأشخاص متنوعي الجنس بتغيير تصنيفهم في شهادات الميلاد، مع الإبقاء على بعض القيود.

بدأت النظرة الطبية لهذا الأمر أيضًا بالتغير، مثلًا، توقفت بعض مراكز طب الأطفال عن إجراء العمليات الجراحية للمولودين حديثًا مع أعضاء مختلفة للنمو الجنسي. ومع ذلك، يتقدم المجتمع كله بخطًى بطيئة جدًا في اتجاه تجاوز الاستخدام الصارم للتصنيف الثنائي. كأطباء سريريين، نبذل قصارى جهدنا لنتحرى الدقة في عملنا.

تُشير المدلولات إلى أن استخدام إحدى لفظتي (ذكر أو أنثى) خيارين وحيدين في شهادات الميلاد لا يتفق مع الواقع العلمي، وستخبر إزالة هذا التصنيف الآباء الجدد بأن تصنيف الجنس للمولود عند الولادة ليس مهمًا بقدر أهمية ولادة طفل سليم سعيد.

أضف تعليق