ويمكن أن يكون الإكراه الجنسي مربكًا ومحزنًا للغاية. إذ يعلم من يتعرض للإكراه الجنسي أن ما حدث ليس صائبًا، ولكنه قد لا يفهم تمامًا كيف ولماذا! ولذلك علينا معرفة أمر مهم؛ ألا وهو أن الموافقة الحقيقة تُمنح طواعيةً. إذ إن الضحية التي توافق رغبًة منها بأن يتوقف شخص ما عن الضغط عليها أو تهديدها، فهي لا تمنح موافقةً حقيقيةً.
ما هو الإكراه بالضبط؟
يصف الإكراه أي محاولة للسيطرة على سلوك الضحية عبر التهديد أو التلاعب، ويحدث الإكراه الجنسي عندما لا يتقبل شخص ما رفض الضحية ممارسة العلاقة، ويستمر رغم ذلك في محاولة إقناعه لتغيير رأيه. إذ بمجرد رفض ضحية الإكراه للجنس يجب أن تتوقف القصة عند هذا الحد، لكن ذلك لا يحدث دائمًا.
أحيانًا يكون الإكراه صارخًا جدًا. مثلًا: «سأخبر الجميع أننا كنا على علاقة غرامية إن لم تمارس الجنس معي».
تستخدم هذه المقالة كلمة «الجنس» اختصارًا لوصف أي شكل من أشكال الاتصال الجنسي.
تشمل تكتيكات الإكراه الجنسي الشائعة ما يلي:
- تسبيب الشعور بالذنب
- توجيه تهديدات
- الابتزاز العاطفي
- إعطاء المخدرات أو الكحول بهدف تقليل الممانعة
عادةً ما يبقى الإكراه ضمن الضغط اللفظي والعاطفي، ورغم ذلك من الممكن أن يتصاعد التلاعب والضغط إلى عنف وعدوانية.
غالبًا ما يحدث الإكراه الجنسي في العلاقات العاطفية، ولكن يمكن أن يحدث ذلك في سياقات أخرى: بين المعارف أو زملاء العمل والأصدقاء أو العائلة، أو في المدرسة أو الحفلات أو أي مكان آخر.
ما الفرق بين الإكراه والقبول؟
إذا كان الشخص لا يريد ممارسة الجنس حقًا، وقبل به لشعوره أنه ملزم ولعدم رغبته بإغضاب الآخر، فقبوله غير طوعي.
يحدث الإكراه عندما يريد شخص ما من الضحية أن توافق بعد رفضها أو إعرابها بطريقة أخرى عن عدم اهتمامها، وقد يستخدم: التهديدات والإقناع والتكتيكات الأخرى للحصول على النتيجة المرجوة.
متى يتعلق الإكراه بالكحول؟
بإمكان معظم الأشخاص الموافقة بعد الشرب المعتدل، لكن لا يمكن اتخاذ القرار تحت تأثير المخدرات والكحول.
لنفترض أن الطرف الأول كان في موعد واحتسى مشروبين وسبب له الكحول ثمالة لطيفة (وليس شعورًا بالسُكر) وكذلك للطرف الثاني، عندها سيلتمسان شعورًا رائعًا بالانسجام في الموعد.
قد يسأل الطرف الثاني: «هل تودين العودة لمنزلي؟».
فسيرد الطرف الأول: «بالتأكيد» وطالما أن أحد الطرفين ليس عاجزًا فيمكن للطرف الأول الموافقة.
أما عندما يواصل الطرف الثاني تقديم المشروبات بهدف تحقيق موافقة الطرف الأول مستغلًا أنه في حالة سُكر، فذلك إكراه.
الإكراه الجنسي في العلاقة:
كون المرء في علاقة فذلك لا يعني بالضرورة أن يبدي الموافقة باستمرار فللجميع الحق في اتخاذ قرار قبول الجنس أو رفضه. وبمجرد قول المرء «لا»، يجب على شريكه احترام ذلك دون الإلحاح والإقناع أو الضغط أو إشعاره بالذنب.
بأخذ ذلك بعين الاعتبار، قد يتساءل المرء عما إذا كان منح شريكه إياه تدليكًا حسيًا أو إخباره إياه بمدى إثارته في زي معين في محاولة إدخاله حالةً مزاجيةً مناسبة يعد إكراهًا! عادةً ما يتحدد الفرق طبق بعض العوامل الرئيسية:
- نوايا الطرفين
- إن قالت الضحية «لا» مسبقًا
- طريقة استجابة الشريك لرفض الضحية
كيف يمكن أن يبدو الإكراه:
نستعرض بعض السيناريوهات الشائعة أدناه:
التهديدات الصريحة:
- في بعض الأحيان، يقول الشخص الآخر بوضوح شديد ما سيفعله إن رفضت الضحية ممارسة الجنس.
- يقولون إنهم سيؤذون شخصًا آخر: «لا بأس إن كنتِ لا ترغبين بالنوم معي، صديقتكِ في حالة سكر أراهن انها لن تمانع».
- قد يهدد الشخص بالتخلي عن شريكه: «الناس يمارسون الجنس في العلاقات، أعتقد أنه علينا الانفصال إن لن نفعل».
- قد يهدد مشرف العمل أو أحد الزملاء بتعريض حياة الشخص المهنية للخطر: «يمكنني طردكِ كما تعلمين، وجعل الأمر يبدو كأنك سرقتِ، لن تقبل أي شركة أخرى توظيفكِ لديها».
الضغط الاجتماعي:
قد يحاول الشريك إقناع الضحية بممارسة الجنس عبر تلقينها أن رفضها يدل على وجود خطأ فيها.
على سبيل المثال:
- «لقد ذهبنا في ثلاثة مواعيد! ألا تعتقدين أن الوقت قد حان؟».
- «ماذا تنتظرين؟ إنه مجرد جنس، سيكون ممتعًا فلا تتعاملي معه وكأنه أمرٌ جلل».
- «لا تكوني فظةً، كلنا نحتاج للجنس، سنكِ كبير لأن تكوني عذراء».
على المرء أن يتذكر أنه خياره وحده ولا أحد غيره يقرر ذلك عنه. فما يعتقده الآخرون لا يهم، ولا عدد المرات التي مارس فيها الجنس أو عمره أو أي شيء آخر.
التلاعب العاطفي:
عند استخدام الناس عواطفهم عمدًا لمحاولة إقناع الطرف الآخر بفعل ما يريدون، فإن هذا يعد إكراهًا. كأن يقولوا: «أوه، أنا أفهمك» أو «هذا جيد» لكن لغة جسدهم تروي قصة مختلفة. فبعض الشركاء المؤذيوون قد يرفضون التحدث إلى الطرف الآخر حتى يستسلم أو يحاولون التأثير عليه عبر كسب تعاطفه.
الإلحاح:
غالبًا ما يكون الإكراه الجنسي بسيطًا مثل تكرار الطلب لممارسة الجنس. ولربما لا تشعر الضحية بالرغبة في ممارسة الجنس مؤخرًا بسبب مخاوف تتعلق بالصحة الجسدية أو التوتر أو أي شيء آخر. فيسأل شريكها يوميًا تقريبًا: «هل تعتقدين أنكِ راغبة في ممارسة الجنس الليلة؟» بدلًا من سؤاله عن كيفية تقديم الدعم لها.
قد يكتفي الشريك بالتلميح فحسب:
- «لا أطيق الانتظار حتى تستعيدي عافيتكِ»
- «سأقوم بغسل الصحون إذا كان ذلك يعني ممارسة الجنس لاحقًا»
تأنيب الضمير:
الشعور بالذنب هو أسلوب إكراه شائع آخر. يمكن لمشاعر الضحية تجاه شريكها أن تجعلها أكثر عرضةً للشعور بالذنب. إذ إنها تهتم لشأنه، لذا لا تريد أن تؤذيه لكنه قد يستغل ذلك لمصلحته الشخصية. على سبيل المثال:
- «لقد كنت أشعر بالوحدة الشديدة. أنا أحتاجكِ حقًا الآن».
- «لم نمارس الجنس منذ أكثر من أسبوع، ومن الصعب حقًا أن أبقى دونه وقتًا طويلًا».
- «لا أصدق أنكِ لا تريدين ممارسة الجنس في ذكرى زواجنا، يبدو أنك لا تحبينني حقًا بقدر ما تقولين».
يمكن للشريك أيضًا أن يجعل الضحية تشعر بالذنب عبر تحوير الموقف لجعل الأمر يبدو كما لو أنها فعلت شيئًا خاطئًا: «لم تعودي ترغبين بممارسة الجنس كفاية في الآونة الأخيرة، لا بد أنك تخونينني».
نكران المشاعر:
حتى إن كان المرء لا يرغب في ممارسة الجنس، فقد يرغب في التواصل من طريق التقبيل أو الحضن أو التحدث أو الاسترخاء معًا. لكن يمكن للشريك محاولة الضغط عليه لتغيير رأيه إزاء الجنس عبر معاملته بسوء لكي يوافق. قد يفعل شيئًا مما يلي على سبيل المثال لا الحصر:
- إخفاء الشريك مشاعره عن الضحية بالكامل
- إدلاء تعليقات ساخرة أو وقحة.
إذا حاولت الضحية تقبيل الشريك أو لمسه، فقد يبتعد بمجرد أن يتضح أنها ما زالت لا تريد المضي قدمًا في الأمور.
جعل الضحية تشعر بالسوء إزاء نفسها:
قد يحاول الشريك مهاجمة ثقة الضحية بنفسها عندما ترفضه، أو يتصرف كما لو أنه يسدي لها معروفًا برغبته في ممارسة الجنس معها. على سبيل المثال:
- «حظًا سعيدًا في العثور على شخص آخر يريد أن ينام معكِ»
- «يجب أن تشعري بالامتنان لكوني هنا معك، يمكنني أن أنام مع أي شخص، ولن تعرفي أبدًا»
- «ربما لستِ جيدةً في السرير، على أي حال لا عجب أنك لا زلت عزباء»
الإصرار أنه يجب على الضحية المتابعة:
الموافقة على ممارسة الجنس مرة واحدة لا يعني الموافقة في كل مرة على نفس المنوال، إذ يمكن دائمًا سحب الموافقة بعد منحها. لذلك إذا قالت الضحية «انتظر، لا أشعر بالرضا حيال هذا بعد كل شيء» أو «لنأخذ قسطًا من الراحة»، يحتاج شريكها إلى احترام ذلك والتوقف على الفور. فعلى سبيل المثال:
- «لكنك قلت إنه يمكننا ممارسة الجنس الليلة»
- «أشعر بالإثارة الشديدة، لا يمكنني تحمل ذلك، علينا الاستمرار»
- «أنا محبط ومتوتر للغاية، أحتاج هذا»
إن هذه الردود تعكس رغبتهم الشخصية دون أي مراعاة لمشاعر الطرف الآخر.
المودة والإطراء المفرط:
من الممكن أن يحاول الشريك التلاعب بالضحية لممارسة الجنس بضغط إيجابي، بما في ذلك المجاملات والهدايا والإيماءات، أو أنواع المودة الأخرى. فقد يدعوها لتناول العشاء في مطعم فاخر، أو يرسل لها الزهور إلى مكان العمل، أو يقدم لها هدايا باهظة الثمن، كل ذلك مع توقع أنها ستكافئ كرمه بالحميمية الجسدية. ربما يقول أشياءً مثل: «أنت جميلة للغاية لا يمكنني أن أضبط نفسي بقربك» أو «أشعر بإثارة كبيرة لمجرد التفكير فيكِ».
الإطراءات وحدها لا تشير دائمًا إلى الإكراه ولكن يجب الانتباه فيما إذا كان الشريك يتوقف عن إبداء إعجابه بعد الرفض مباشرةً أم يستمر بالسعي لنيل الرضا.
عدم إعطاء الضحية فرصة لقول لا:
الموافقة الإيجابية تعني أن «نعم» هي الطريقة الوحيدة للموافقة، عدم قول أي شيء لا يعني منح الموافقة.
ماذا نفعل عند التعرض للإكراه الجنسي:
عندما يدرك الشخص أن شريكه أو أي شخص آخر يحاول إجباره على ممارسة الجنس فإن الخطوة الأولى الجيدة هي المواجهة، فطالما أنه يشعر بالأمان عند القيام بذلك. عليه أن يكون صريحًا وحازمًا.
يمكن للضحية قول:
- «قلت إنني لا أريد ممارسة الجنس، محاولة الضغط علي لن تجعلني أغير رأيي»
- «أود إمضاء الوقت بصحبتك لكني لست مهتمةً بممارسة الجنس»
حتى إن كان الشخص لا يشعر بالراحة في مناقشة ما يجري فإن وجود شخص ما للتحدث معه (أو الأفضل من ذلك، زيارته) يمكن أن يساعده على الشعور بالأمان وعدم الوحدة.
قد يكون من المرعب أن يقول الشخص «لا» لمشرف أو زميل في العمل أو مدرس أو أي شخص آخر لديه بعض السلطة على وظيفته أو وضعه المعيشي أو مهنته الأكاديمية.
في هذه الحالة قد يكون من الأمثل قول «لا» بوضوح والتوجه مباشرة إلى مركز الاستشارة أو قسم الموارد البشرية لتقديم شكوى رسمية.
تحديد ما حدث:
يقع الإكراه الجنسي -وكذلك الاغتصاب- تحت المظلة الواسعة للاعتداء الجنسي، ويشير الاغتصاب إلى الإيلاج الجنسي الذي لا توافق عليه الضحية، وذلك طبقًا لوزارة العدل الأمريكية.
أما الاعتداء فيشير إلى أي اتصال جنسي يحدث دون الموافقة الطوعية الصريحة، لأن الموافقة الممنوحة تحت الإكراه لا تعد موافقةً صريحةً ومن ثم ليست موافقةً حقيقيةً. ومع ذلك، من حق الضحية الطبيعي استخدام أي مصطلح يناسبها أكثر.
الخطوة التالية:
نستعرض فيما يلي بعض الأشياء التي يجب أخذها بالحسبان:
الإكراه الجنسي هو اعتداء، وللضحية كل الحق في الإبلاغ عن هذه الجريمة وتوجيه الاتهامات.
يمكن لمزود الرعاية الصحية الخاص بالضحية أن يعطيها اختبارًا لفحص الأمراض المنقولة جنسيًا، وتقديم وسائل منع الحمل الطارئة، وجمع الأدلة في حال اختارت تقديم تقرير للشرطة.
قد يكون التحدث إلى قسم الموارد البشرية أو خدمات الاستشارة المدرسية مفيدًا عندما يحدث الإكراه في العمل أو المدرسة.
إذا كانت الضحية تعاني من إكراه مستمر من شريك تريد الحفاظ على علاقة معه، فعليها البدء بالحديث معه وشرح كيف تشعر تجاه محاولاته للضغط عليها وإخباره أنه يجب عليه احترام حدوده حتى تستمر العلاقة.
قد تساعد مشاركة الضحية لمشاعرها حيال الأمر مع شخص عزيز تثق به في الحصول على الدعم العاطفي والنفسي الذي تبحث عنه.
يمكنك أيضًا التحدث إلى معالج نفسي من أجل:
- التوجيه العاطفي خلال الخطوات القادمة
- المساعدة في وضع خطة لترك العلاقة بأمان
- دعم أي ضائقة عاطفية قد تواجهها